Tuesday, September 6, 2016

أكتب

سأكتب عن كل الذكريات التي لم تحدث،
سأكتب كُل الكلمات التي لم تلحن،
كل الأبيات التي لم توزن،
وكل الكتب التي لن تكتب،
عن نفسي التي لا وجود لها،
عن لهثي وراء سعادة لم تخلق،
عن كل المساحات الخاوية بين الكلمات،
كل المعاني المدفونة بين السطور،
كل الاستعارات التي لم يفهمها أحد،
وكل النكات التي لم تضحكني،
كل المشاعر التي وقفت أمامها عاجزاً عن توصيفها،
كل الليالي التي تشاجرت فيها مع نومي،
عن كل مرة لم أقع في غرام أحدهم،
سأكتب كل ما يمر في عقلي،
يقولون ان كل شخص له طاقة نفسية وأنا نادراً ما أكتب وخزانات طاقتي ممتلئة
سأكتب لأن في حالتي هذه، لا أجد ما أفعله سوى ان أكتب.


Thursday, April 14, 2016

"هلا ساعدتني؟"

المقارنة، لطالما استخدمت هذه الأداة العقلية المحببة إلى قلبي، قارن بين دالتين، بين نواتج رياضية، بين معادلة والأخرى، بين أداء ماكينتين أو حتى بين شخصين..
لأول مرة أقف حائراً ممسكاً بعقلي بين يدي محاولاً الضغط على زر يضيء باللون الأحمر، ملصق بأسفله كلمتين بخط مزخرف تقولان 
-"قارن بينهن"-
لا تقوى يدي على الحراك، ومخي المعلق بين أصابعي يبعث بموجات من الألم تجتاح جسدي كلما فكرت، -فقط فكرت- في الضغط على الزر.. ربما الألم الذي سينتج عن الزر يرعبه لهذه الدرجة، لدرجة إنه يذيقني منه ما استطاع..
لم أتصور يوماً ان عملية المقارنة قد تكون مؤلمة بهذا الشكل، فأنا أعلم إنني قارنت بين الخير والشر ولم أجد صعوبة،
بين الصيف والشتاء ففضلت نهاية الصيف وبداية الشتاء،
بين أشياء كثيرة تتناقض او تتشابه ولطالما استطعت نصر فائز على الأخر..
مشكلتي هذه المرة هي القتل، نعم..
هذه المرة عندما أضغط هذا الزر، وتبدأ خلاياي العصبية في توصيل الكهرباء وتتغير كيمياء مخي وتزيد كمية الجلوكوز المتدفقة ناحيته لأن "البيه" سيفكر.. سينتهي الأمر بموت أحدهم، بموت الخاسر، أو بموتي أنا، أن تبقى مني شيء على أي حال..
هذه المرة غير،
هذه المرة أنا أعرف الفائز بدون محاكاة حاسوبية تدلني عليه،
هذه المرة، سأقتل -بداخل عقلي- شخصاً ما، تجرأ وحاول ان يملأ فراغاً بداخلي ليس مصمما له، كقطعة من ال “بازل" التي تحاول عنوة ان تنهي لوحة لا تخصها..
حقيقة، أنا لست مرتاباً من القتل، انا مرتاب من بقايا نفسي التي سأجدها في انتظاري جالسة على كرسي خشبي قديم، ممسكة لفافة تبغ تقرب على الانتهاء، وتلك النظرة في عينها، النظرة التي لا تدل على وجود شخص ما وراء هذه الأعين..

انا حقيقة مرتاب من الحقيقة، أنني أعرف الفائز واخافه، أعرف إنه حي بداخلي بالرغم من دفني له، أعرف ان بقايا نفسي الجالسة على الكرسي ستقف فجأة، تلقي السيجارة في الهواء وتسحب فأساً، وتأخذ نفساً عميقاً إستعداداً للحفر، وتنظر لي في تحدٍ بابتسامة وتقول "هلا ساعدتني؟"

Friday, November 6, 2015

كنت محظوظاً بشكل كافي.

كنت محظوظ بشكل كافي لكي أشهد تغير أشخاص كانوا يوماً قريبون جداً من قلبي.
وشاءت الأقدار ان أولد شخصاً قوي الملاحظة وعلمتني دراستي ان الُّخص استنتاجاتي بشكل سريع بهامش خطاً محدود.
وها انذا اليوم أملك كراسة افتراضية تحوي صفحاتها كتيبات صغيرة وفصولاً، فصلاً لكل شخص ذهب ولم يعد.
أتصفحها من آن لأخر، صدفةً أو عن عمد. وكُل مرة أنتهي من قراءة فصل أو إضافة أخر أشعر بحالة من الانبهار.
فالشخص الذي انقطعت عن معرفته منذ 4 سنوات، والذي كان فارغاً من الداخل، لا هوايات له ولا شغفاً يملاً فراغه!
أراه الآن شخصاً أخراً، ناضجاً، في طريقه للامتلاء، وجد شغفه واراقبه عن بعد وهو يلتهمه. وبالرغم انني لا أزال منقطع عن التواصل مع هذا الشخص إلا إنني همممم، فخور ربماً، منبهراً بالتأكيد. أظن ان هذا هو أقرب شعور لما يشعره أب أو أم وهو يراقبون أطفالهم يتحولون لحظة بعد الأخرى لكيانات جديدة، شخصيات مستقلة واراء في الغالب تُعاكس إرادتهم.
لا أقول إنني أشعر شعوراً أبوياً تُجاه هؤلاء أصحاب الفصول في كتيبي الوهمي، الحقيقة إنني لا أكترث أبداً سواء تحسنوا ام لا. فالصفحة التي تُكتب في كُتيبي الصغير لا يمكن ان تُمحى , ومن يدخل الكتيب نادراً ما يخرج، هممم , في الحقيقة لا يخرج ابداً ..
كُل ما يناغش تفكيري هو تغيرهم، تحولهم من قوالب مفرغة إلى منابع وافرة.
أتمنى بحق لو كنت فصلاً في كتيباً وهمياً في مخيلة شخص أخر، وكم ستكون سعادتي لو استطعت قراءة بضعة سطور عن نفسي التي كانت والان أصبحت.
فبالفعل انا محظوظ، لكن لا اظن إن حظي قد بصل إلى هذا الحد.






Saturday, September 26, 2015

..توأمي

حلماً غريباً ، كنت فيه حبيباً لإمرأة لم أستطع تمييز وجهها بعد ان افقت ، وكنت فيه اباً روحياً لفتى ما ، وكنت فيه نفسي بجانب توأمي .. نعم ، كان لي توأماً ..
لكني لم احبه ، كان يعامل حبيبتي بخشونة ، وكان يقسو على ابني الروحي ، حبيبتي كرهته وأحبتني ،
كنت في أحضانها وهو يصرخ في وجهها ، كنت أقبل ثغرها و فمه يتشدق لعاباً إثر عصبيته ..
كنت أتنفسها وهو يغادر الغرفة ..
أتذكر انني شعرت بالراحة ريثما غادر .. أتذكر أيضاً انني نظرت لها ، عينيها بنيتين ، كمثل 99 بالمائة من باقي البشر ، الفرق الوحيد انني استطعت أن أرى وراءهما ، كأنهما شاشات عرض ..
موجة من الأمان أجتاحتني ، انا لست متأكداً انها تحبني ، أنا أعرف إنها تحبني ..
وشت بها عينيها ، استأنفت العناق ، وهمست لها في اذنها أنني أريد ان أمارس معها الحب ، فهلا طلبت من أبننا الفتى ان يغادر الغرفة ، أنا لا أخجل منه ، ولكني لا أريد ان أشعر بكينونة غيرها ..
هزت رأسها في موافقة ، و عينها أغلقت لجزء من الثانية .. وتلاحمنا ، عندها أفقت ..
سيطرت عليَ فكرة واحدة ، كم انني سعيد إنني كنت انا ولم أكن توأمي ! وإنه غادر غاضباً ، فليذهب إلى أعماق الهاوية ، لا أكترث .. 

Sunday, March 22, 2015

من أنا ؟

كتبت ما يقرب من العشر مقدمات، ومسحتهم جميعاً، انا هنا الآن فوق حاسوبي هذا لكيما أسجل بعض الأحداث، أنا ههنا كيما أخلق التاريخ. لنفسي ولنفسي فقط. فلا شيء قد يخلد أي قصة سوى نزفها فوق الورق. وأنا ههنا ممسكاً بسكين موجهاً لجبهتي أحاول ان أنزف هذه القصة
كيف بدأت ؟ .. لا أتذكر التواريخ , ولا هي .. وقد أحببت ذلك عنها , فما أهمية تذكر التاريخ ان لم نتذكر ما حواه في قلوبنا .. 
كيف تطورت الأحداث ؟ بسهولة , كما التنفس ! يبدو ذلك مقتضباً أكثر من اللازم , أعرف .. ولكن "والمصحف" هذا هو ما حدث , كنت أتنفس فوقعت في حبها !
كنت بالأمس وحيد , واليوم صارت معي .. ولم تعد الحياة سوداء كما كانت , أو ظلت سوداء ولكني لم أكترث , لأنها هنا .. 
ان كان شيء أولى بالتذكر , فسيكون لذة البداية , حين كانت تكتشف تفاصيلي , حين علقت على هالات السواد تحت عينيّ وقالت إنهم يعجبونها .. حين أبديت لها إعجابي بيديها و كيف تخيلت إنسجامها داخل يدي .. 
ثم شيئاً فشيء تعرفت على كيانها المعقد , كيف تفكر و ما الذي جعلها من تكون اليوم .. 
كنت أعلم إني أذوب بلا رجعة .. كانت تذكرني بنفسي ولا أعلم لم! فأنا أعرف اليوم إننا لا نتشابه مطلقاً .. ربما نفس درجة التعقيد هو ما يجمعنا .. 
جميلة كانت و ستظل , وروحها لها خفة حبات الرمل , و كحبات الرمل لا تستطيع يديك استيعابها دون ان تتسرب منك .. 
"دوماً تصرف مع من حولك بطبيعتك, فقط تذكر إن أمكانية خسارتك لأي شخص مهما كانت معزته لديك موجودة, تذكر هذا يا صديقي, لأن ذلك مفتاح خلاصك"
وفي هذه الجملة كان بالفعل خلاصي، ففي اسبوع واحد انقلب عالمي رأساً على عقب ووجدت نفسي في بينوس مدينة نصر أمام فتاتي التي أحببتها، تصارحني بأن الساعة الأن العاشرة مساءً وان هذه هي نهاية يومنا وقصتنا.
بالطبع خانتي تعابير وجهي رغماً عني، ولكني تماسكت حتى رحلت. قلبي اللعين هو الذي خانني وارتفع ضغطي حتى انني لم أكن اقوى على الوقوف دون ترنح. كلمت أحد الأصدقاء وقلت له إما ان يأتي إليّ حالاً إما سأنام ههنا على الأرض. وأتي لي رغم كل شيء، وانا له شاكر وممتن. في تلك المواقف تظهر معادن الأصدقاء على ما أظن.
سؤالاً واحداً لم يفارق ذهني كل هذه الفترة!
من أنا؟ هذا سؤال مثير للاهتمام، وبالأخص الو خطر على ذهنك في الثانية بعد منتصف الليل.
لم يداعبك النوم منذ يومين، ومثله الأكل لم تلامسه
تمرر يديك بين ثنايات شعرك وتسند برأسك على الحائط البارد. تأخذ نفساً عميقاً وتتساءل مجدداً
"من أنا بحق الجحيم ؟"
هل انا المهندس، النابغ، متوسط التقدير "تطوعاً" كما ازعم؟
ام إني لست بنابغ ولا أمتلك سوي آليات دفاع نفسية جيدة تجعلني ارى نفسي نابغاً بحق!
هل انا الكاتب الهاوي الذي تلون شاشة حاسوبه غرفته ليلاً بنوراً أبيض تتخلله حروف سوداء يتصور هو إنها ستخفف من ألام صدره
ام إنني عازف الهارمونيكا، عشيقها السري، الذي يختلس حبها وينشق رحيقها كلما سنحت له الظروف او كلما فاض به اشتياقها؟
ام انني ابن، لعائلة من الطبقي الوسطى، جداً. لأب مسن جداً. وأم هيستيــــ... حسناً، ما علينا
ام انني مسيحي، ابن الآلة ذاته، مسم، لا أظن ان ابناء الآلهة سيجلسون امام الحاسوب في مثل هذا التوقيت يفكرون في ال identity crisis الخاصة بهم
ام انني قارئ، متوسط. يحب الكتب ويود لو حبها أكثر.
ام انني لا شيء، pulp، منعدم الكيان، موجود لأنني موجود لا لأضيف شيئاً. اتنفس لأنهم جميعاً يتنفسون ولو ملكتني مفاتيح لوحتي العصبية صدقني ستختلف النتيجة
ام انني كل ما لم اكتبه ههنا. انا كل ما لا اعرفه عن نفسي، وهو الذي قادني لهذه اللحظة دون ان أدري
حسناً، ضغطي يزيد وضربات قلبي تتسارع، ويداي تبدأن بالرجف. وأفتقد برونو أكثر من أي شخص
أكثر من حبيبتي التي صارحتني بأن الساعة العاشرة من مساء أول أمس كانت تنكتب نهايتنا، أكثر من خالي الذي رحل عن عالمنا منذ ما يقرب العامين وبدأت بالنزف روحي من وقتها، ولم تكف
نعم برونو. لم يكن من المفترض ان يتركني هكذا. كنت ولا وزلت أحتاجه صغيري العزيز
كنت أود لو أجد سبباً منطقياً لاشتياقي له بعد كل هذا الوقت الذي مر على وفاته، يقولون ان الله محبة، لم يجربوا الكلاب هؤلاء ...!
انا احاول ان أكف عن التدخين منذ اسبوع، هذا الطريق بالطبع انحرف تماماً اثناء روي حبيبتي ما يجول ببالها أخر مرة تقابلنا، أردت لو أدخن القاهرة كلها. ولكني بالطبع أحاول مرة أخرى الآن 
ولا أعرف أين سينتهي بي هذا الطريق، ولكني اتمني ان لا تكون أخرته لحن حزين، ولو حدث فأرجو ان تنسيني ذلك السيجارة في الحقيقة. حسناً سأذهب خارجاً لأختلس سيجارة. لاحقاً
And God Said let there be light, Then she appeared... but not for too long...


Thursday, December 4, 2014

Bruno , go pee الجزء الثالث

تطلب تدريب برونو سبعة أشهر .. سبعة أشهر من الاستيقاظ المبكر , التنظيف الدوري ومسح ألارض .. وتغيير ملائات السرير بعد كل كارثة والأخرى .. سبعة أشهر من التسنين الذي ترتب عليه مضغ كُل ما يقع بين فكيه  إبتداءَ من أحذيتي حتى كف يدي ذاته ..
احبطت كثيراً خلال هذه افترة و تصورت انني لن أنجح ابداً في تدريبه.. لكن لكل شيء تحت السماء وقت .. لا أتذكر تحديداً النقطة التي بدأ بها يستجيب لتكرار التدريبات , فقط ابتدأ بالتحسن .. يوم بعد يوم وأنا أري نتائج و طاعة و تفاهم .. ربما لم يكن هو من يتدرب هنا فقط , بل أنا أيضاً ..
بعد هذه الفترة صار التفاهم بيننا كالتنفس , أعلم ماذا أفعل و ماذا أقول و كيف أقوله ليستجيب .. كيف أغير نبرة صوتي , كيف أوبخه بنظرة عيني , كيف أوضح له إنني مستاء .. وبالطبع تعلمت كيف أوضح له إنني فخور بما فعل وإنه such a good boy ..
لو تأملت ذاتي قبل مجيء برونو في حياتي , أي من سنتين , لوجدتني شخصاً خجولاً يفتقد إلي قليلٌ من الثقة بالذات .. وجود برونو أعطاني هذه الثقة .. ربما في المرات الأولي التي حاول بها فرد سيطرته عليّ وعرض فكرة إنه الألفا ههنا بزمجرة أو محاولة مزيفة للعض .. *حاول عضي مرة ففوجيء إني أعضه في المقابل , الأمر كان يشبه "سيب وأنا أسيب"* .. ربما الفكرة ذاتها بأنني مسؤول بشكل كامل عن كائن حي متفاعل و ذكي كبرونو .. ربما إنني نجحت في تدريبه مما أشعرني بالفخر .. لا أعلم .. ! .. أعلم فقط إني تغيرت للأفضل .. ولهذا أنا ممتن للأبد .. !
بعد عامه الأول صار الأمر محتمل بالنسبة لأمي , صار رفيق أبي في شيخوخته , دائماً إلي جواره يشاهدان التلفاز سوياً .. 
وتكَّون لدينا هذا الروتين اليومي الذي لا يتغير , يقولون ان الكلاب are creatures of habits و أنا أظن ان هذه المقولة حقيقة .. 
اذا ما دخلت البيت يستقبلني بحفاوة ولكن لا يقترب مني أكثر من متر واحد .. يدور حولي في دائرة , يقفز فوق أمي ويقبلها , لكن لا يقترب طالما لم أسمح له بعد .. أقوم بما أقوم به ثم أناديه لنلعب سوياً او لنأخذ قيلولة سريعة .. يأكل وأنا آكل *في ألأغلب يصوم طوال فترة غيابي* و ينام وقتما أنام , فقط قبل النوم نذهب سوياً إلي الحمام , و أطلب منه بأدب : Bruno , Go pee .. فيأخذ في اللف بدوائر داخل الحمام ثم يفعل ما يفعل , أهنئه على إنجازه بقبلة وبعض التشجيع و الطبطبة ثم نشاهد فيلماً ما , أنا أنظر للشاشة وهو ينظر لي .. ثم ننام , ولا مانع من قبلة أخيرة قبلها ..
نستيقظ , أمي تطلب منه إيقاظي قائلة : "برونو , صحي مينا " فيفهم ان الامر متعلق بي بشكل او بأخر , يأتي إلي جانبي و يستكمل نومه بالطبع , بلا صحي بلا كلام فاضي .. ثم تأتي أمي لتجد خيانته , تعاتبه بقبلتين وتأخده للحمام : Bruno , go pee .. و تبدأ الدائرة مرة أخرى .. 
لو سأندم على أي شيء فعلته مسبقاً , لن يكون إدخال جرواً صغيراً رائعاً في حياتي كبرونو , لكن الوقت الذي كان بإمكاني فيه التواجد معه ولم أفعل .. أعلم إنه كانت لنا لحظانتا , تعلم العوم في البحر بجانبي , لعبنا الكرة حتى تبول من فرط السعادة .. مرحنا وجرينا فوق العشب , قمت بتفليته شعرة شعرة بحثاً عن البراغيث الملاعين , التي بالطبع اصابته إثر ما سبق , ذهبنا لطبيبه كأنني أصاحب طفلي إلى هناك, أحتضنته ألف مرة كأنها الأخيرة .. لم أعلم ان واحد من هذه الأحضان سيكون بالفعل الأخير .. ولكن كما قلت , لكل شيء تحت السماء وقت .. 


Saturday, November 22, 2014

أنا وبرونو -الجزء الثاني- وقعنا في شباكه



كان يوم ممطر من شتاء 2012 , شهر فبراير على ما أتذكر ..
كنت قد جعلت خالي*  يضغط على والدتي بعض الشيء لكي توافق على جلب جرواً  كي يرافقني في حياتي ..
في ظروق عادية كانت عارضت بشدة , ولكانت اسمعتني اسطوانتها الشهيرة "أنا مش حمل كلاب ولا البيت حمل كلاب " .. لكن ظروفي النفسية وقتها لم تسمح لها بالعند معي , كنت قد خرجت تواً من حطام علاقة سابقة وهي تعلم انها ستعاند بقايا انسان آيلة للسقوط , فكتمت غيظها ووافقت على مضض ..
أين كنا , نعم , كان يوم بارد وممطر , خرجت من امتحان الرياضيات , أول امتحان نهائي أواجهه في كلية الهندسة , هذا يفسر لم اليوم عالق في ذاكرتي , كنت أحل معادلات رياضية بداخل مبنى ما الأمطار تنهطل من كل مكان والشبابيك تنغسل بالمطر .. كان يوماً عجيباً ..
انتهيت من الامتحان , أو هو انتهى مني , وخرجت انا واحد اصدقائي لنركب مع أمي السيارة ..
إلى أين؟ سألت أمي
شبرا يا طانط , قالها صديقيي مينا , الذي يملك كلبة كوكر ..
نحن في طريقنا الآن نحو جروي الخاص الأول .. لا اسم له بعد , لا أعرف شكله بعد , ولا حتى لونه .. فقط أعرف إني سأقع في حبه لحظة رؤيته ..
وصلنا تحت بيت مينا .. فاخذت قطع قماش من السيارة وصعدت لأجلبه ..
وفي خطى مبتلة من الأمطار وصلنا أمام باب الحمام , حيث يوجد عالم أخر من الفرو , لونه ذهبي متكتل جرواً فوق الأخر بحثاً عن الدفء .. مع فتح الباب انتفض عالمهم وسارعوا بالصراخ والجري أنحاء المكان .. جمعناهم , وأدخلناهم مرة أخرى .. خرج صديقي من الحمام وبيده جرو هادئ شبه نائم , عمره 40 يوم .. وقال لي "أنا عاوزك تاخد ده , ده اهدى واحد وعنده شلاضيم" .. وطبعاً رد فعلي هو اني لففته بسرعة في القماش و ضممته لي ليجد الدفء ..
في طريق العودة , تطلع الجرو من بين الأقمسة لينظر ماذا يحدث , وجد أمي تداعبه بابتسمامة ,اظن ان لصغره لم يكن يدرك اي شيء بحق , ربما اعتقد انني انا  امه .. المهم هو انه دخل بداخل الأقمشة لينام بهدوء ..
عندما وصلنا المقطم كان عليّ جلب اللبن له .. تركته مع أمي في السيارة ,وعندما رجعت قالت لي
"الكلب ده شكله اصيل . مرديش يعملك بيبي عالكرسي , نط نزل عمله عالدواسة .. "
كانت أمي مبتسمة بالفعل ,وقعت في شباكه هي الأخرى ..
ولكن عندما نصل للمنزل , ماذا سيحدث ؟ سيكون له سرير؟ سينام بجانبي ؟ ..
هذه كلها تساؤلات سأجاوبها  .. في المرة التالية  
                               تو بي كونتنيود ...  
 



*خالي الذي اقنع امي بشراء الجرو , هو خالي الذي توفى بعد ذلك بشهور قليلة ..*